وظائف الياقات الجديدة
مسقط – في المشهد المعاصر لسوق العمل، نشهد موجة تحويلية تعيد تشكيل الأدوار الوظيفية التقليدية. لقد أصبح ظهور وظائف “الياقات الجديدة” سمة مميزة، تتحدى المعايير التقليدية وتعيد تعريف المهارات التي يقدرها أصحاب العمل.
تقليديا، تم تقسيم سوق العمل إلى أدوار الياقات الزرقاء والياقات البيضاء. ومع ذلك، فإن ظهور التكنولوجيا، إلى جانب التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي (AI)، قد أدى إلى ظهور فئة جديدة من الوظائف تعرف باسم وظائف الياقات الجديدة. تم صياغة مصطلح “الياقات الجديدة” منذ ما يقرب من عقد من الزمن من قبل جيني روميتي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة آي بي إم، وهو عبارة عن وظائف تتطلب مهارات متقدمة دون الحاجة إلى الحصول على شهادة جامعية تقليدية.
تقود شركات صناعة التكنولوجيا العملاقة، مثل جوجل وآي بي إم وأمازون، مهمة إعادة تشكيل مشهد التوظيف. إنهم يبحثون بنشاط عن المواهب لأدوار الياقات الجديدة، مع إدراك أن المهارات ذات الصلة غالبًا ما تتفوق على الشهادات الرسمية. وتشير بيانات شركة آي بي إم إلى أن العمال الجدد يمثلون بالفعل نحو 15% من العمالة التي توظفها شركة آي بي إم في الولايات المتحدة. وتكثر الأمثلة، حيث تعتبر وظائف مثل فنيي الحوسبة السحابية وأخصائيي تقديم الخدمات رمزًا لهذا التحول.
وفي حين تظل الشهادة الجامعية التقليدية ذات قيمة، فإن المهارات العملية المكتسبة من خلال برامج التدريب المهني المستهدفة، وخاصة في مجالات محددة مثل الرعاية الصحية والهندسة والبرمجيات والتكنولوجيا تكتسب أهمية كبيرة.
إن التآزر بين الذكاء الاصطناعي ووظائف الياقات الجديدة جدير بالملاحظة بشكل خاص. نظرًا لأن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الصناعات بشكل متزايد، فإن الطلب على الأفراد ذوي المهارات في تحليل البيانات وتكنولوجيا المعلومات آخذ في الارتفاع. يكشف بحث أجري في كلية كولومبيا للأعمال أن الشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي لا تقضي على الوظائف؛ بل إنها تعمل على تعزيز الطلب على العمال الجدد القادرين على التنقل في المشهد التكنولوجي المتطور.
تواجه عمان التحديات والفرص مع ظهور وظائف الياقات الجديدة. يتطلب النجاح في هذا التحول دراسة متأنية للعديد من العوامل الرئيسية.
إن عدم التكيف مع التحول نحو فرص العمل الجديدة قد يترك عمان مع قوة عاملة غير مستعدة لمتطلبات العمل المستقبلية. وبالتالي، فإن الاستثمار في برامج تدريبية مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات المحددة لهذه الأدوار أمر ضروري.
إن رفع مستوى الوعي حول قيمة التدريب الفني وإمكانية الحصول على وظائف مربحة في مناصب الياقات الجديدة أمر بالغ الأهمية. يمكن للتعاون بين المؤسسات التعليمية والصناعات أن يساعد في سد فجوة الوعي وضمان أن القوى العاملة مستعدة جيدًا للمشهد الوظيفي المتغير.
ومن المهم تعزيز الشراكات مع شركات التكنولوجيا العالمية لإنشاء برامج تدريبية تتوافق مع متطلبات الوظائف الجديدة. سيكون تحفيز المنظمات على إعطاء الأولوية للمهارات على الدرجات العلمية وإنشاء نظام بيئي يفضي إلى نمو فرص ذوي الياقات الجديدة أمرا ضروريا.
في سياق التعامل مع تيارات سوق العمل المتطور، تقف عمان على مفترق طرق. تتمتع الأمة بفرصة ليس فقط للتكيف، بل أيضًا لتشكيل قوتها العاملة بشكل فعال لتصبح قادرة على الصمود والتفكير المستقبلي والمتوافقة بشكل جيد مع متطلبات المستقبل. إن تبني ثورة الياقات الجديدة سيضع عمان كلاعب تنافسي في سوق العمل العالمي، مما يضمن مستقبل مزدهر لقوتها العاملة.
سيد عادل عباس
اكتشاف المزيد من موقع الشامسي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.