أخبار عمان

طريق سنغافورة وعمان نحو التميز في المدن الذكية والإنسانية الأكثر استنارة



بواسطة الدكتور جراهام أونج ويب

تتحد جمهورية سنغافورة وسلطنة عمان، وكلاهما غنيتان بالهويات الثقافية والجغرافية المتميزة، في رحلتهما التحويلية لإعادة تعريف الحياة الحضرية من خلال مبادرات المدن الذكية. ويتجسد هذا التعاون، المتجذر بعمق في الروابط التاريخية المشتركة والرؤى المشتركة للمستقبل، في مشروع مدينة السلطان هيثم في مسقط، والذي يسير على الطريق الصحيح للاكتمال بحلول عام 2045.

وسيكون أحد المعالم البارزة في المشروع هو شارع سنغافورة، وهو لفتة متبادلة لشارع مسقط في كامبونج جلام بسنغافورة، ويرمز إلى الرابطة العميقة والاحترام المتبادل بين البلدين.

ويأتي إزاحة الستار عن شارع سنغافورة خلال الزيارة الرسمية التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى سنغافورة، في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر 2023، بمثابة شهادة على العلاقات الثنائية القوية بين البلدين. إن تأييده “للعلاقات الممتازة” والسعي إلى إقامة شراكات استراتيجية، وخاصة في قطاع الطاقة الخضراء، ينسجم مع السياسات البيئية التقدمية في سنغافورة، مما يشير إلى رؤية مشتركة تمتد إلى ما هو أبعد من المشاركة الدبلوماسية التقليدية إلى تعاون جوهري وقابل للتنفيذ.

إن الروابط التاريخية والثقافية بين سنغافورة وسلطنة عمان، والتي تم تنميتها على مدى قرون في البداية من خلال التجارة البحرية، ازدهرت إلى مجموعة واسعة من المشاريع التعاونية اليوم. ويشير الرفع الأخير للقنصليات العامة إلى سفارات، إلى جانب التبادلات الحكومية والتجارية المستمرة، إلى تعزيز الالتزام برؤية استراتيجية مشتركة. ويمثل الحوار الاستراتيجي بين سنغافورة وعمان، الذي تم إطلاقه في ديسمبر 2022، علامة بارزة في هذه الشراكة المتنامية.

ومن الناحية الثقافية، تشترك سنغافورة وعمان في الالتزام بالحفاظ على تراثهما والاحتفال به. يعد شارع مسقط المعاد تصميمه في سنغافورة، والمزين بأقواس الجرانيت الأنيقة والفن العماني، أكثر من مجرد إنجاز معماري؛ فهو بمثابة جسر ثقافي، حيث يدعو السكان والزوار إلى الانغماس في نسيج من التقاليد العمانية والسنغافورية.

ومن الناحية الاقتصادية، يُظهر البلدان استعدادهما للتعلم من نجاحات وتحديات بعضهما البعض. إن موقع عمان الاستراتيجي في الشرق الأوسط يوفر لسنغافورة إمكانية الوصول إلى أسواق ورؤى جديدة. وفي المقابل، فإن خبرة سنغافورة في مجال التكنولوجيا والتخطيط الحضري تقدم لعمان نموذجًا لتطورات مدنها الذكية. وتجسد مذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها مؤخراً في مجالات الثقافة والشباب والتعاون الاقتصادي خطوات كبيرة نحو الشراكة التكافلية.

تعتبر التدابير المبتكرة محورية في تضخيم الجهود التعاونية بين سنغافورة وسلطنة عمان. ومن الممكن أن تعمل مراكز الابتكار المشتركة كحاضنات للابتكار التكنولوجي وريادة الأعمال، مما يعزز التعاون في حلول المدن الذكية. ومن شأن توسيع برامج التبادل الثقافي أن يعمق فهم وتقدير تراث كل دولة وديناميكيات المجتمع المعاصرة.

ومن الممكن أن تعمل الشراكات التعليمية في مجالات مدن المستقبل الحاسمة مثل التكنولوجيا، وعلوم البيئة، والتخطيط الحضري على تجهيز القوى العاملة الماهرة لمشاريع المدن الذكية في المستقبل. وبالمثل، فإن المشاريع المشتركة للطاقة المستدامة، التي تركز على تطوير الهيدروجين الأخضر، من شأنها أن تؤكد التزام عمان بصافي انبعاثات صفرية وتتماشى مع الأهداف البيئية لسنغافورة.

تتمتع مبادرات السياحة الذكية بالقدرة على مزج التكنولوجيا مع التراث، وتنظيم تجارب سياحية مفيدة وجذابة في نفس الوقت. ومن خلال توظيف التكنولوجيا الحديثة، مثل الواقع الافتراضي وأنظمة الملاحة الذكية، يمكن لهذه المشاريع حماية التراث الثقافي مع تعزيز تجربة الزائر.

تمثل الرعاية الصحية مجالًا آخر جاهزًا للتعاون، حيث يواجه كلا البلدين تحديات شيخوخة السكان وظهور الأمراض المزمنة. يمكن للأبحاث الطبية التعاونية التحقيق في قضايا الصحة العامة والتقدم الصيدلاني، وذلك باستخدام الخبرات المشتركة والمرافق الحديثة في كلا البلدين.

ومن شأن تبادل المهنيين الطبيين أن يتيح تبادل أفضل الممارسات في العلاجات الطبية المتقدمة وإدارة الرعاية الصحية. ومن خلال تجميع المعرفة الجماعية في مجال التكنولوجيا الطبية، يمكن لسنغافورة وسلطنة عمان إنشاء شراكات تجمع بين المؤسسات البحثية والشركات الناشئة، مع التركيز على مجالات مثل التطبيب عن بعد، والذكاء الاصطناعي في التشخيص، وأنظمة إدارة الرعاية الصحية المتطورة لرفع مستوى رعاية المرضى.

ومعاً، يمكن تصميم تطوير مرافق الرعاية الصحية الذكية، بالاعتماد على تجربة سنغافورة في أنظمة الرعاية الصحية الفعالة، إلى جانب مبادرات الصحة العامة التي تعزز الرعاية الوقائية والعافية، بما يتناسب مع الاحتياجات الفريدة لسكان كل دولة.

وبينما نتجاوز مفهوم الدول الذكية باعتبارها مجرد إنجازات تكنولوجية، فإننا نشهد ظهور مجتمعات مستدامة وصالحة للسكن ومثرية ثقافيا. تجسد مشاريع المدن الذكية التعاونية بين سنغافورة وسلطنة عمان رؤية مشتركة لمستقبل تتشابك فيه التكنولوجيا والثقافة والاستدامة لتحسين نوعية الحياة لجميع المواطنين.

وفي التغلب على تعقيدات القرن الحادي والعشرين، تقف الشراكة بين سنغافورة وسلطنة عمان كمنارة للتعاون الدولي، مما يوضح كيف يمكن للبلدان ذات الخلفيات المتنوعة أن تجد القواسم المشتركة وتسعى إلى تحقيق الأهداف المشتركة. إن هذه الرابطة، المعززة بالروابط التاريخية، والاحترام الثقافي، والتطلعات المتبادلة، أكثر من مجرد نجاح دبلوماسي – فهي رمز للقيادة الحكيمة والتعاونية على المسرح العالمي.

[The author is a corporate leader and scholar affiliated to the Nanyang Technological University in Singapore]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى